الرقبة الطويلة ؟؟

تنسب للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه مقولة ليت أن لي رقبة جمل حتى إذا قلت كلمة لا ترضيني استرجعتها.
لكن هيهات أن يحدث هذا، فهناك أشخاص تتحول أفواههم إلى راجمات صواريخ تقصف بعشوائية من غير تصويب .
وكثير من الكلمات التي تخرج من أفواهنا هي كلمات صنعت في ظرفية رضا أو غضب.
وإذا أردت اختبار الحليم فأغضبه ومهما أغضبته فلن تبتعد كلماته عن الرفق واللين والتسامح، ومن يقرأ سيرة الأحنف بن قيس أو معاوية بن أبي سفيان (على سبيل المثال) سيلحظ الفرق بين الشخصية الملبية لحالتها النفسية وبين الشخصية الملبية لمكارم الأخلاق.. فها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يرد على أحد المنتقدين له حين قال له: اعدل يا محمد، رد الحليم الذي لا يضره أن يقابل الرفض بالقبول .
إن الشخصيات الواثقة من سعة حلمها تضع كل كلام غث في خارج غضبها بينما تغدو الشخصية النارية هي شخصية حارقة لا تتنبه لما تتفوه به، ويمكن لكلماتها أن تترك أثرها في نفسية المتلقي أو السامع لها مخلفة أثرا لا يمحى عن تلك الشخصية.
وكثير من الشخصيات التي تعيش بيننا ونعيش معها غير قادرة على فرز كلماتها أو السيطرة على خروج ألسنتها فتجدها تسرف في إخراج الكلمات العكرة من غير مراعاة لنفسية المتقبلين لتلك الكلمات وتزداد سطوة التعنيف كلما أحس المتحدث أنه قادر على قول ما يشاء من غير أن يناله عقاب، لكن هذه الشخصية يفوت عليها أن العقاب متعدد فما لا ينالك جسديا ينالك سمعة وانتقاصا .
وفي تاريخنا العربي تذهب الحكايات مذاهب شتى في ذكر أولئك الذين هربوا بسمعتهم من أمواس ألسنتهم، ولأننا ننسى الحكم التي نتعلمها بالمجان تصبح كلماتنا كنصل الشفار المثلومة، وأول درس سمعه معاذ بن جبل قول الرسول صلى الله عليه وسلم له:
"ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم إلا من حصائد ألسنتهم ."
فهل علينا أن نتعلم كيف نعبر عن غضبنا واختلافنا بكلمات تحمل حجتها وليس غضبها.. أعتقد أننا بحاجة إلى تنشئة جديدة حتى نستطيع تقبل الآخر مهما اختلفنا معه وإلى أن نصل إلى سعة الصدر ستدلق الكلمات العكرة والحادة والمدببة ولن تسعفنا رقبتنا القصيرة من استرجاعها .
فهل نستطيع القول إن الرقبة القصيرة كارثة على صاحبها.؟

شكرآ شكرآ شكرآ

أخت مشاكسة على الموضوع القيم

يعطيك العافية نحلة المنتدا

جزاك الله خير

على المتابعة الطيبة