بسم الله الرحمن الرحيم
لا تتتبعوا عورات الناس
سقراط فيلسوف يوناني عاش في اليونان القديمة ما بين (469 و399 ق.م) ، اشتهر سقراط بحكمته البالغة ، وفي أحد الأيام صادف الفيلسوف العظيم أحد معارفه الذي جرى باتجاهه وقال له بلهفة:
_ سقراط ، أتعلم ماذا سمعت عن أحد طلابك؟
انتظر لحظة ثم رد عليه سقراط : قبل أن تخبرني أود منك أن تجتاز امتحان صغير يدعى امتحان الغربال الثلاثي !؟
قال الرجل : الغربال الثلاثي ... !؟
فال سقراط " صحيح " .
ثم تابع : قبل أن تخبرني عن طالبي لنأخذ لحظة لنغربل ما كنت ستقوله.
الغربال الأول: هو الصدق، هل أنت متأكد أن ما ستخبرني به صحيح ؟
رد الرجل: في الواقع لقد سمعت الخبر و...
قال سقراط،: إذاً أنت لست متأكدا بأن ما ستخبرني صحيح أو خطأ ..
لنجرب الغربال الثاني: غربال الطيبة: هل ما ستخبرني به عن طالبي شيء طيب ؟
رد الرجل: لا،على العكس...
فقال سقراط: إذا ستخبرني شيئا سيئا عن طالبي على الرغم من أنك غير متأكد من أنه صحيح ؟
بدأ الرجل يشعر بالإحراج.
تابع سقراط: ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان..
فهناك الغربال الثالث: غربال الفائدة. هل ما ستخبرني به عن طالبي سيفيدني؟
رد الرجل: في الواقع لا.
فقال سقراط: إذا كنت ستخبرني بشيء ليس بصحيح ولا بطيب ولا ذي فائدة أو قيمة، لماذا تخبرني به من الأصل ؟
من الأمور المشينة التي ميزت المجتمع العربي عموما ، ظاهرة انتشار الإشاعات و سرعة انتشارها ، فما أن يخترع أحدهم إشاعة ، حتى تنتشر انتشار النار في الهشيم ، خاصة إذا كانت هذه الإشاعة تتضمن مضامين قدحية في حق أشخاص أو مؤسسات أو هيئات معينة ، و الغريب _ بل الأدهى و الأمر _ أن جل المنابر الإعلامية إلا من رحم الله _ و قليل ما هم _ باتت تبني أخبارها على الإشاعات و ما تلتقطه من أخبار متطايرة هنا و هناك دون أدنى مجهود في التأكد من سلامة الخبر و صحة المعلومة .
إن سيادة ثقافة الإشاعة ، و التبني الجاهز للمعلومات و العمل على ترويجها دون التثبت من مدى مصداقيتها ، ينم عن انحطاط في المستوى المعرفي و الخلقي للمجتمع ، و جهل بتعاليم الدين الحنيف حيث قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع ) .فلا تصدق كل ما تسمع ، و لا تروج ما لم تتأكد من صحته ، و من ستر مسلما في الدنيا ستره الله يوم القيامة ، و من تتبع عورات الناس فضحه الله في عقر داره .
مما اعجبني