ماى براذر
بقلم : اسامة فوزي
تورطت بعد أسبوع واحد من وصولى الى أمريكا عام 1986 فى مشروع تجارى خاسر التقيت على هامشه بسمسار عقارات باكستانى الأصل كان يخاطبنى بكلمة (براذر) من باب التحبب ولما قلت له انى مسلم معتدل، لا أحمل السلم بالعرض، قال لى انه مثلى تماما، بل واضاف - على سبيل النفاق - انه لايتردد على المسجد الا لاصطياد الزبائن!! فقلت له (مصوباً) ان الاعتدال الذى أعنيه لا يعنى النصب
وبعد أن أصدرت العدد الأول من عرب تايمز التقيت في مدينة هيوستون بولاية تكساس بـ (براذرين) كانا يملكان محلا لبيع اللحم الحلال، كان (الورع) يبُظ من أعينهما بظاً الى أن باعا المحل لـ (براذر) آخر، وكانت المفاجأة حين وقف أحد الاخوين فى المسجد تبرئة للذمة - كما قال - وذلك حين اعترف ان اللحوم فى محله الذي باعه (لا حلال ولا بطيخ)... وأضاف: كنا نشتريها من المسلخ الامريكي ونبيعها على انها حلال بعد ان نقرأ عليها الفاتحة
كان (البرذران) يبيعان كيلو اللحم (الحلال) بثلاثة أضعاف سعره فى السوق ( الامريكاني )، وهما لم يعترفا بعملية النصب باسم الاسلام لتبرئة الذمة - كما زعما - وانما فقط من أجل (خوبرة) المشترى الجديد و (تخريب بيته)!! وهو عربي ومسلم و ( براذر ) مثلهم
وشاءت الأقدار أن يعمل معى فى الجريدة (براذر) من طراز عجيب... كان يقضى أوقاته بـ (القبقاب)، يطرقع به ممرات العمارة التى تضم مكاتبنا كلما ذهب الى الحمام أو رجع منه بحجة الوضوء، كان (ماى براذر) يقضى ثلاثة أرباع (وقت العمل) على هذا النحو، وكان - يوم الجمعة - يهرب من العمل بعد العاشرة صباحا بحجة الرغبة فى أداء صلاة الجمعة ( جماعة ) مع باقي البراذرات ولا يعود الى المكتب الا قبل انتهاء الدوام بدقائق حتى يوقع ويقبض ... لاكتشف بعد ذلك ان (ماى براذر) كان فى الواقع يقبض مرتبه منى.. ويعمل خلال أوقات الدوام الرسمى لغيرى من البراذرات
وفى السنة ذاتها التحق بنا (براذر) من جريدة عربية يومية معروفة ( الاهرام ) ليعمل كمخرج للجريدة، فأكرمناه وأسكناه فى شقة مفروشة، ولما قرر العودة الى بلده ، حملت حقائبه على ظهرى وأوصلته بسيارتى الى المطار، ولما طالبته (اللوفتهانزا) بدفع غرامة مقدارها (600) دولار بسبب الزيادة فى الوزن، سارعت الى دفع الغرامة بالنيابة عنه وودعته الى الطائرة بمصمصة الخدود على الطريقة البراذرية العربية... لكنى لما عدت الى الشقة المفروشة لتسليمها الى أصحابها، اكتشفت ان (البراذر) سرق كل أثاثها، وحمله فى الحقائب التى (عتلتها) له على ظهرى ودفعت غرامة الزيادة فى وزنها 600 دولارا.. ولم أصب بالدهشة - بعد سنوات - حين نشرت احدى الصحف المحلية فى بلده مقالاً ضدى تبين لى بعد ذلك ان كاتبه لم يكن الا (ماى براذر) الذى سرق الشقة المفروشة وهرب بها
فى السنة الماضية، رن جرس الهاتف فى مكتبى وكان على الطرف الآخر (براذر) من التابعية الباكستانية يعمل فى مهنة المحاماة، طلب منى أن أنشر اعلانه فى الجريدة لانه (براذر) مثلى على ان اعطيه سعرا خاصا لانه ( براذر )، فلم أخيب ظنه.. نشرنا اعلانه بسعر التكلفة، ومنذ ذلك التاريخ لم يدفع البراذر فواتيره، بل وطنش كل رسائلنا وهواتفنا مما جعلنا نلجأ الى القضاء، وستنظر المحكمة قريبا فى دعوانا ضده، وسيقضى بيننا قاض امريكي ليس من (البراذرات) على أى حال، وأقصى ما أطمح اليه فى الدعوى المرفوعة على (ماى براذر) هو أن أعرف وفق أى قاعدة فقهية أجاز لنفسه أن يأكل حقوق (البراذرات) الآخرين ... مثلي
فى رمضان الماضى، اخترت (براذر) من التابعية الايرانية لدهان منزلى، وقد اخترته من بين عشرة أشخاص لأنه قدم نفسه لى على انه (براذر) مثلى و (صائم) مثلى ولشدة ثقتى به سلمته الأجرة (نقداً) مقدما بل وتركته وحده فى المنزل ليعمل على راحته، ولما عدت مساءً لم أجد (البراذر)... لقد طار فجأة وطارت معه كاميرا فيديو وجهاز تسجيل وبعض الأدوات الكهربائية وشوية (كاش) وغرفة النوم والصالون والمطبخ.. وحتى أكون صادقاً وعادلاً أقول ان (ماى براذر) لم يسرق كل شىء فقد ترك لى صابونة الحمام ورزمة من ورق التواليت وبشكير مسح به (.......) قبل أن يهرب ليلحق بموعد الافطار حتى لايفوته (المدفع) فيلحقه اثم كبير
لماذا لايريد (البراذارات) أن يفهموا ان (الدين المعاملة) وان الدين لم يكن يوما لحية ومسبحة وعنزة مخنوقة فى مسلخ هيوستون الحكومى يبيعها (البراذرات) لبراذارات مثلهم بثلاثة أضعاف سعرها فى (راندلز) و (كروغر) و (فياستا) وغيرها من المحلات الأمريكية المحترمة التى لايمتلكها - والحمد لله - البراذارات